
توفي مدرب المنتخب الجزائري السابق محي الدين خالف عن عمر ناهز 80 سنة، ويعتبر المرحوم من بين خيرة المدربين الذين أنجبتهم الكرة الجزائرية، الفقيد من مواليد 17 جانفي 1944 بمدينة القنيطرة المغربية.
أمضى المرحوم حالف محي الدين أول عقد مع نادي القنيطرة في صنف الأشبال، و لم يكتف خالف بممارسة كرة القدم بل كان ذو موهبة في كرة اليد أيضا،بل وكان من أحسن لاعبي نادي القنيطرة لكرة اليد حيث أمضى له كذلك عقدا، فكان يخوض أحيانا مقابلتين في اليوم، صباحا مقابلة في كرة اليد و وزوالا في كرة القدم، ولا يزال خالف يتذكر تلك الأيام الأولى من مسيرته الكروية، حين كان يصارع الزمن للعب مبارتين في اليوم الواحد.
وبفضل إمكانياته الكبيرة يسجل الجزائري دخوله مع أكابر نادي القنيطرة و هو في السادسة عشرة من عمره فقط،عام بعد ذلك و بسبب الدراسة دائما يغادر القنيطرة إلى مدينة مكناس،ويمضي بالمناسبة مع فريق الإتحاد الرياضي للخميسات، وفي ربيعه التاسع عشر اصبح خالف محي الدين قائدا له وفي المومس الموالي، انتقل خالف إلى نادي مكناس، ووصل معه مرتين لنهائي كأس المغرب لكرة اليد لكن للاسف خان خالف في معانقة ألكاس.
في سنة 1967، عاد الأب حسين الى ارض الوطن، وبالرغم من العروض العديدة التي توصل بها المرحوم خالف محي الدين، فضل القضاء سنة بيضاء بدون فريق رغم أنه كان يتدرب مع مولودية الجزائر ثم إتحاد العاصمة.
خالف في شبيبة القبائل
بعد سنة بيضاء، أمضى الفقيد خالف محي الدين في فريق شبيبة القبائل فكان فال خير على أصحاب الزي الاصفر والاخضر، حيث كان من بين المساهمين في صعود الشبيبة إلى الدرجة الأولى لأول مرة في تاريخ النادي القبائلي الى جانب نخبة من اللاعبين الكبار نخص بهم كل من كوفي وقلي وعنان.
اول تتويج لخالف مع الشبيبة
ثلاثة مواسم فقط بعد صعود شبيبة القبائل إلى الدرجة الأولى، كتب الفريق القبائلي في موسم 1972/1973 اسمه باحرف من ذهب في سجل التتويجات بحصوله على اول لقب للبطولة الوطنية، مع المدرب الروماني بوبيسكو، وهو المدرب الذي كان يساعده في التدريب خالف محي الدين، الذي كان كذلك لاعبا في الفريق.
اعتزل اللعب في سن 29
في سنة 1973 فاجأ خالف محي الدين الجميع ليس برحيله عن الفريق القبائلي بل باعتزاله اللعب نهائيا وهو في سن الـ29، الأمر الذي أثار استغراب الجميع ، وحين سئل خالف عن سر اعتزاله اللعب وهو في عز عطائه كان يرد دوما، انه امر يهمني.
خالف المدرب…
قصة خالف مع التدريب بدأت حين كان لاعبا في الفريق القبائلي، وهذا في موسم 72-73، وهو الموسم الذي تم تعيينه مساعدا للمدرب الروماني بوبيسكو، وبعد اعتزاله اللعب ، قررت إدارة الفريق الاحتفاظ به ضمن الطاقم الفني للفريق، كمساعد للمدرب الروماني بوبيسكو.
في الموسم الموالي 73/74، قرر المدرب الروماني بوبيسكو الرحيل عن الفريق القبائلي، فتم تعويضه بالمدرب ماتيغا، هذا الأخير، قرر الاحتفاظ بخالف محي الدين كمساعدا له، ليفوز في ذات الموسم فريق الشبيبة باللقب الوطني للمرة الثانية على التوالي.
في النصف الثاني من الموسم الموالي، وبعد ان ساءت نتائج الشبيبة في البطولة الوطنية، كيف لا وهو الحائز على اللقب، تقرر إبعاد المدرب الأول ماتيعا، وتعويضه بمساعده خالف محي الدين، هذا الأخير ونظرا لما اكتسبه من خبرة وتجربة في مجال التدريب، بعد ان عمل مع المدربين بوبيسكو وماتيغا، تمكن في ظرف قصير جدا ان يعيد بعض الهيبة للفريق، فبعد ان كان الفريق القبائلي يتذيل جدول الترتيب، تمكن في ضرف قياسي ان يعيد للشبيبة هيبتها، فأنهى موسم 1973/1974 في المرتبة السادسة، وهي المرتبة التي وصفت بالايجابية، بالنظر إلى الحالة المزرية التي كان عليها الفريق قبل إقالة المدرب ماتيغا، وقد شكلت النتائج التي حصل عليا الفريق القبائلي بداية حقيقة في المسيرة المهنية للمدرب خالف محي الدين.
في سنة 1977، حقق خالف محي الدين اول ثنائية، اللقب الوطني وكاس الجزائر، بعد ان تفوقت الشبيبة على النصرية بهدفين لواحد، وكان يساعد خالف المدرب الروماني زيفوتكو.
في سنة 1979 خسر خالف محي الدين نهائي كاس الجزائر أمام فريق النصرية بهدفين لهدف، خسارة أبكت خالف محي الدين في نهاية المباراة، وظل يصف هذه الخسارة كواحدة من بين أسوء الهزائم في مسيرته الكروية.
خالف مدربا للمنتخب الوطني خلفا لرشيد مخلوفي
في ماي 1979 استقال رشيد مخلوفي من العارضة الفنية للمنتخب الوطني تحت ضغط الصحافة و الجمهور الرياضي، بسبب الأداء الهزيل الذي ظهرت به العناصر الوطني في اللقاء الودي أمام المنتخب السنغالي بهدفين لواحد بملعب 5 جويلية، يرفض الكثير من المدربين الذين إتصلت بهم الإتحادية تولي المهمة خوفا من الضغط النفسي، لكن خالف قبل المجازفة و المواجهة و تحمل عبء تدريب المنتخب رغم صغر سنه الذي لم كن يتجاوز حينها عن الـ 36 سنة، فالواجب الوطني لا يجب أن يرفض بشرط واحد هو تركه يعمل دون التدخل في صلاحياته.
خماسية في شباك المغرب والنهائي القاري
أولى ثمار خطط خالف محي الدين في المنتخب الوطني كانت، بالفوز التاريخي للجزائر على المغرب 5-1 في الدار البيضاء تحت أنظار 60 ألف مناصر مغربي، وهو الفوز الذي مهد للمنتخب الوطني لبلوغ اولمبياد موسكو، بعد ان أكد المنتخب الوطني قوته في مباراة العودة 3/0.
لكن المنعرج الحاسم في مسيرة المدرب خالف محي الدين كانت في كأس إفريقيا للأمم 1980 بنيجيريا،فقد أستطاع محي الدين قيادة المنتخب الوطني إلى المباراة النهائية لينهزم في أمام المنتخب النيحيري منظم الدورة ب3/0.
من الخيبة الليبية إلى الفوز التاريخي على ألمانيا
فور إبعاد الثلاثي رايكوف وسعدان ومعوش، تم الاستنجاد بخالف محي الدين، وتم تعيين رشيد مخلوفي مديرا تقنيا، لكن هذا التعيين لم يجد المنتخب الوطني في أي شيء في نهائيات كاس أمم إفريقيا التي جرت بليبيا عام 1982 حيث اكتفى “الحضر” بالمركز الرابع، وقد شكلت هذه المرتبة صدمة كبيرة لدى الجمهور الجزائري، لكن سرعان ما تحولت هذه الصدمة إلى أفراح من خلال الفوز التاريحي في نهائيات كاس العالم باسبانيا على المنتخب الألماني، ولولا تواطؤ ألمانيا والنمسا على حساب منتخبنا الوطني لما أقصيت الجزائر من الدور الأول.
استقالة بعد مونديال 1982 والعودة في مطلع 1984
فور عودة المنتخب الوطني من اسبانيا، قرر خالف محي رمي المنشفة، حيث تم تعويضه بعبد الحميد زوبا، وبعد إخفاق هذا الأخير بقيادة المنتخب الوطني إلى اولمبياد لوس انجلس 84، تم المناداة من جديد لخالف محي الدين، لتولي شؤون العارضة الفنية، خلال كاس أمم إفريقيا بكوت ديفوار 84، وهي الدورة التي اكتفى فيها بالمرتبة الثالثة، ليقرر بعدها خالف ترك المنتخب.
كما فاز مع “الكناري” ببطولة أفريقيا للأندية البطلة (دوري الأبطال حاليا) في 1981 وكأس أفريقيا للأندية الفائزة بالكؤوس وكأس الجزائر.
درب العين الإماراتي موسم 1990-1991 واتحاد طنجة (1991-1993) ومولودية وجدة (1993-1997)المغربيين والنجم الساحلي التونسي (2000).
من التدريب إلى التعليق
بعد 15 سنة تدريب في الجزائر قرر خالف محي الدين، العودة من جديد إلى المغرب ، حيث تولي تدريب العديد من الفرق المغربية نذكر منها شباب المحمدية واتحاد طنجة والرجاء البيضاوي والنادي القنيطرة، كما درب في تونس وفي أكثر من بلد حليجي ، لكن عودته إلى شبيبة القبائل في مطلع الألفية الحالية كانت فاشلة ولم يجن من خلالها إلا شتم الأنصار، ليقرر وضع حدا لمسيرته المهنية بعد 30 سنة من التدريب، ليدخل بعدها عالم التحليل، حيث عمل للكثير من القنوات الفضائية الرياضة العربية.
وخلال العشرية الأخيرة فضل المرحوم خالف محي الدين الابتعاد عن الأضواء، الى أن توفاه الأجل صبيحة يوم الثلاثاء عن عمر ناهز الـ80 سنة، وبهذه المناسبة ما عصانا إلا الدعاء للفقيد راجيين من المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة وان يلهم ذويه الصبر والسلوان … انأ لله وزانا إليه راجعون.
